كم تُظلمون ولستم تشتكون، وكم
تُستغضبون فلا يبدو لكم غضبُ
ألفتمُ الهونَ حتى صارَ عندكم
طبعاً، وبعض طباع المرء مُكتسبُ
وفارقتكم، لطولِ الذلِّ، نخوتكم
فليس يُؤلمكم خسف ولا عطبُ
كم بين صبر غدا للذل مُجتلباً
وبين صبر غدا للعزّ يجتلبُ
فشمّروا وانهضوا للأمر وابتدروا
من دهركم فرصة ضنّت بها الحِقبُ
لا تبتغوا بالمنى فوزاً لأنفسكم
لا يصدق الفوزُ ما لم يصدق الطّلبُ
هذا الذي قد رمى بالضعف قوتكم
وغادر الشملَ منكم وهو منشعِبُ
وسلّط الجور في أقطاركم فغدت
وأرضها دون أقطار الملا خِربُ
وحكَّم العِلج فيكم مع مهانته
يقتادكم لهواه حيثُ ينقلبُ
من كلِّ وغدٍ زنيمٍ ما له نسبٌ
يُدرى وليس له دينٌ ولا أدبُ
والحق والبُطل في ميزانهم شرعٌ
فلا يميل سوى ما ميّل الذهب
أعناقكم لهم رِقٌ ومالكم
بين الدُّمى والطلا والنّرد مُنتهبُ
باتت سِمان نعاج بين أذرعكم
وباتَ غيركم للدّر يحتلبُ
فصاحب الأرض منكم ضمن ضيعته
مُستخدم وربيب الدّار مُغتربُ
فما لكم ويحكَم أصبحتم هملاً
ووجه عزّكم بالهون مُنتقبُ
لا دولةٌ لكم يشتد أزركم
بها ولا ناصر للخطب يُنتدبُ
وليس من حُرمة أو رحمة لكم
تحنو عليكم إذا عضّتكم النّوبُ
وليس فيكم أخو حزم ومَخْبرةٍ
للعقد والحلِّ في الأحكام يُنتخبُ
وليس فيكم أخُو علم يُحكّم في
فصل القضاء ومنكم جاءت الكُتبُ
أليس فيكم دمٌ يهتاجه أنَفٌ
يوماً فيدفع هذا العارَ، إذ يثِبُ؟